حاملة المسك نائبة مدير المنتدى
الاوسمة :
عدد المساهمات : 1365 تاريخ التسجيل : 03/06/2009 العمر : 15 كاس المسابقة الاسلامية :
| موضوع: الاستيعاب الزوجي الأحد يناير 17, 2010 7:08 pm | |
| لقد أكد الإسلام على رفعة شأن المرأة بنتا وزوجة وأما ، فكفل الإسلام الحياة الآمنة ، والعيش الرغيد طوال حياتها ، ولن تجد مثل هذه الرعاية للمرأة في الأديان الأخرى وفي الدول التي تدعي التقدم والتطور .. فهي أمانة ومسؤولية تقع على عاتق والدها ، ثم يتسلم هذه الأمانة ، وهذه المسؤولية زوجها بعد ذلك ، فيحافظ عليها روحا وجسدا ، مدركا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في استقرار السكن الزوجي ، وصلابة قلعة العقيدة ، وبالتالي فهو بحاجة إلى: الاستيعاب الزوجي
والاستيعاب الزوجي هو : أن يستوعب الزوج زوجته ، فيفهمها ويجذبها إليه ، على اختلاف ثقافتها ومزاجها وآرائها .. ويحبها كزوجة ، وكأخت في الله ، وكجارة ، وكإنسانة .. ليصنع معها القلعة القوية الشامخة .. وفي الحقيقة أن الأزواج بالنسبة للاستيعاب على أنواع ، فمنهم مثلا لا يستوعب على الإطلاق وهذا زوج لا يدرك معنى كونه زوجا ، ومنهم من يستوعب زوجته فتحبه ولكن لا يؤثر في شخصيتها ، وهناك زوج يستوعب زوجته ، فينقلها نقلة بعيدة، فإذا هي الأخرى تستوعب من حولها من النساء ..
ومن متطلبات هذا الاستيعاب : • الفقه في الدين بلا غلو أو تقصير .. فيكون قدوة لها ، فقيها في دعوته ومناقشته معها ، وحواره .. فلا شك أن الدخول إلى العقول والنفوس أصعب بكثير من حفر نفق في الجبل والدخول فيه ، وإذا كان حفر الجبل بحاجة إلى معدات ومهارات وخبرات ، فإن الدخول إلى العقول أشد حاجة إليها ، والذي يطلب من زوجته خصلة من الأخلاق وأخلاقه سيئة لن يجد منها الاستجابة بل سيلقى الصد والعناد والاستخفاف
• الصبر : ربما يتزوج الرجل زوجة ذات أمزجة مختلفة ، فعلى الزوج أن يتعايش معها ليسبر أغوارها ويعالج عيبها ، وهذا يحتاج إلى صبر طويل ، ونقل جبل من مكان إلى مكان لا يكون دفعة واحدة بل عبر زمن ومتابعة وجهود تبذل، إذ ليس هناك حلول سحرية للمشكلات، إنما هو الجهد، والصبر على الجهد وعدم اليأس، والصبر على مداومة الجهد، والصبر على بطء الثمرة مع مداومة الجهد ! . إن الزوج الناجح هو الذي يعيش لزوجته، وتهمه سعادتها، لأن النهاية ستؤول إليه ، فهي السكن ، لذا لا بد من الصبر ، فيكون لها أبا ، وأخا ، وأختا ، وصديقة ، وزوجا .. وقد أخبر الحبيب المصطفى " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر " رواه مسلم وقد يغيب على بعض الأزواج هذا المعنى، فيستعجل ولا يصبر ، ويشكو متذمرا " هل أنا فاتح مدرسة كي أربي وأعلم؟!" فتنفصم العلاقة ثم سرعان ما يطلق.
• الحب : وما أدراك ما الحب !! فقد جهلنا محتواه ، وتغير معناه ، حتى تبرأ الحب من تصرفاتنا التي ادعينا أنها الحب .. فقد انحصر بين الزوجين في كلمات غزل وعشق وهيام ، وأحلام وردية خيالية ، وليال نرجسية ، وأمور جنسية ، وإن كانت مطلوبة ولكن الحب واسع وجميل وأكبر من أن يتقوقع داخل تلك التصرفات ، فمن موقع الحب ، والرحمة بها ، يكابد الزوج من أجل استنقاذ زوجته من حمأة الأفكار الملوثة ، إلى نعيم التصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان ، ولذلك فهو لا يسارع إلى تعنيفها ومقاطعتها وضربها فهذا كله يحتاج إلى حب وحلم ورفق .
• الزوجة إنسانة : ينظر الزوج إلى زوجته على أنها إنسان ويعاملها كإنسان متكاملة النوازع والميول والحاجات ، فيوازن بين الروح والجسد ، وتكون محور حياته ، أي أن كل حركة يقوم بها لا ينسى خلالها زوجته فهي حاضرة في وعيه ، فحياته وعلاقاته وسهراته ومواعيده مرتبة حسب الأولويات الزوجية ، ولا ينسى أن يشعرها بأنوثتها طول الوقت ويمتدح فيها كل معاني الأنوثة : الجمال.. الرقة.. الحب.. الحنان.. الشرف.. الطهارة.. الإخلاص.. الوفاء.. التفاني.. الانتماء.. الاحتضان.
• فهم الأولويات : هناك أولويات في الحياة الزوجية وليس تنازلات عشوائية فلا نتنازل عن الحق ولكن ننظر أين المصلحة ؟ أين الأولويات ؟ أين اكبر فوز بأقل خسارة ممكنة ... وليبدأ الزوج عمله بتربية الزوجة على حب الله ورسوله حتى تتهيأ نفسها للطاعة ، ولا يتعجل فلا يظن أن الطريق أمامه سهل ومعبد ، وأنها ساعة نصح وإرشاد ثم تنتهي المشكلة ، فلا يبدأ معها مثلا بدعوتها لتغيير زيها قبل أن تعيش في جو الإيمان ، ومحبة اله ورسوله . فعلى الزوج في حياته مع زوجته ـ ومع الآخرين ـ أن تنتقل دائرة الاهتمام والتركيز لديه من الفروع والجزئيات إلى الأصول والكليات ، ومن المختلف فيه إلى المتفق عليه ، ومن التعسير والتنفير إلى التيسير والتبشير ، ومن الكلام والجدل إلى العطاء والإنتاج ، ومن التعصب على المخالفين في الرأي إلى التسامح معهم .. وهكذا لا يوجد تنازل عشوائي بل ترتيب للأوراق والأفعال والكلام ويمكن أن يداري ولكن لا يداهن وفرق كبير بين المداراة وبين المداهنة .
• فهم الواقع : إن المثيرات المجنونة في الفضائيات والأفلام والأعلام ، والأفكار المشوشة والمضطربة لها أمر لا يستهان بأثره التراكمي ، ولا يسهل التحول عنه في لحظات قليلة ، ولذا على الزوج أن يقوي الجسور في البنيان العقدي والنفسي لزوجته لكي تقاوم !! فيعمق الإحساس بالله في نفسها ، ويتوغل في الحب ، فبالحب تفتح القلوب وتتفجر الحياة من بين الصخور .. ويحمل معه الرفق ، فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه .. وما من شك أن ضغط المجتمع وتقاليده على حس المرأة أضعاف ضغطه على حس الرجل ! فالمؤامرة على المرأة كبيرة وعلى الزوج أن يفهم ذلك وان يستوعبه .. لذا يتضاعف واجبه إذ عليه أن يقي نفسه النار ! ثم عليه أن يقي أهله وهم تحت هذا الضغط الساحق والجذب العنيف ! • فهم نفسيتها : على الزوج أن يفهم الجوانب الدقيقة من نفسية زوجته كامرأة وطبيعتها وأوجه تفكيرها ومن ذلك : أن عاطفتها تغلب عقلها في كثير من الأحيان ، وأن لها من الاهتمامات ما تغاير اهتمامات الرجل . وقد أشار القرآن إلى بعض صفاتهن فقال { أو من ينشأ في الحلية } فالنساء ينشأن في الزينة والحلي ويربين في الهدايا والعطايا، وأن المرأة تحب من الرجل رجولته وقوته ومواهبه ، وتعجب بشخصيته أكثر مما يستهويها شكله وجماله ، ولا يعجبها الرجل الذي لا يسيطر عليها، أو لا يغار عليها ، كما أنها شديدة الغيرة على زوجها بدرجة خيالية ، وإن قالت له أنها لا تغار عليه ، لذا لا يثير الزوج العاقل غيرتها وشكوكها ، كما عليه أن يعلم أن الأعمال الصغيرة البسيطة والكبيرة التي يقوم بها ـ في البيت أو خارجه ـ هي سواء عند المرأة ، وأن كل الهدايا الكبيرة والصغيرة هامة ولها قيمتها عندها أيضا ، وأن المرأة لا تطلب المساعدة بشكل فطري، وإنما تتوقع من الرجل تقديمها إن كان يحبها، ثم إن كل مستشفى به عيادة تسمى عيادة أمراض النساء، ولا توجد عيادة بهذا الاسم للرجال ، مما يعني أنه على الزوج أن يقف بجوار زوجته في كل أحوالها ، فهي تتغير نفسيتها أثناء الحيض، وأثناء الحمل ، وأثناء الولادة، وما بعد الولادة، وكل هذا يتطلب الاستيعاب الكامل لحالة الزوجة الصحية والنفسية، فيراعي مشاعرها إن غضبت أو وجد منها تغيرا في حالة من هذه الأحوال، ولحكمة بالغة نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن طلاق المرأة في فترة حيضها، وما أجمل قول الحبيب المصطفى عندما نادى " رفقا بالقوارير " ( رواه احمد )
وقبل أن نذكر بعض المواقف التي استوعب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاته نسأل كل زوج : إذا كسرت زوجتك غرضا من الأغراض فماذا أنت فاعل ؟ وإذا أغلقت زوجتك الباب عليك وأنت خارج البيت فماذا أنت فاعل ؟ وإذا لطخت زوجتك وجهك أو وجه زوجتك الثانية فماذا أنت فاعل ؟ 1ـ عن أنس رضي الله عنه قال أهدى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم له قصعة فيها ثريد فضربت عائشة يد الخادم فانكسرت القصعة فجعل النبي يأخذ الثريد ويرده في القصعة ويقول كلوا غارت أمكم )رواه البخاري ، فقد استوعب الحبيب المربي صلى الله عليه وسلم زوجته عائشة فعالج الموقف بهدوء ودون تصعيد.. 2ـ عن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من عندي فأغلقت دونه الباب فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له فقال أقسمت عليك أن تفتحي فقلت له تذهب إلى بعض نسائك في ليلتي؟ قال ما فعلت ولكن وجدت حقنا من بول"رواه ابن سعد في طبقاته، و رواه الحاكم في مستدركه وسكت عنه، وحذفه الذهبي من تلخيصه إنه الاستيعاب الجميل ، فلم يغضب أو يزمجر أو يشتم لأنها أغلقت من خلفه الباب ولكن بكل هدوء حاورها رسول الله حوارا صريحا أزال الشك ، وأثلج الجواب صدرها . 3ـ قالت عائشة رضي الله عنها: زارتنا سودة يوما فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينها إحدى رجليه في حجري والأخرى في حجرها فعملت لها حريرة ( وهي خليط من لحم مع دقيق و ماء) فقلت كلي فأبت فأخذت من القصعة شيئا فلطخت بها وجهها فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها تستقيد مني فأخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فإذا عمر يقول : يا عبد الله بن عمر.... يا عبد الله بن عمر فقال لنا رسول الله: قوما فاغسلا وجوهكما فلا أحسب عمر إلا داخلا .رواه النسائي في السنن الكبرى، وجود إسناده العراقي في تخريجه للإحياء. انظروا لقد حوّل النبي صلى الله عليه وسلم الموقف إلى جو ترفيهي دون اعتداء على أحد ، أو كسر خاطر لأحد .. هكذا استوعب رسول الله الزوج المربي زوجاته ، فلم يقل: إني مشغول بأعباء كثيرة أو غضب الخ .. ولنا في رسول الله قدوة . إن الاستيعاب أمر عسير ، ولكن الزوج مطالب بالعمل لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } ( التحريم : ) وتنفيذا لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا "متفق عليه، رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. ولا يملك الإنسان الهروب من الأمر ، بقدر طاقته " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" ( البقرة : 286) وهكذا كلما استطاع الزوج أن يتعامل مع زوجته بصورة يستطيع استيعابها بالحب والحوار والعلاقة الإيجابية يمكن أن يحولها إلى زوجة تختلف عما هي عليه في السابق ، والأمر ليس محصورا في الزوج ، بل وكذلك الزوجة تستطيع أن تغير سلوك الزوج من خلال استيعابها لزوجها وسلوكها الايجابي .
فيا أخي الزوج : إن الأمانة كبيرة ، وقد أشفقت الجبال والسماوات أن يحملنها وحملها الإنسان ، فكن لها ، سائلا المولى عز وجل العون والسداد ، وحافظ على زوجتك ، فأنت راع وكل راع مسئول عن رعيته . | |
|