بسم الله الرحمن الرحيم
نساء جهلن الغاية من خلقهن
اسمعي إلى هذه القصص، لتعلمي أن من النساء من تعيش في هذه الدنيا ولا تدري لم تعيش، ولا تدري لم خلقها الله جل وعلا، وصباحها مساؤها لأجل الدنيا، ولأجل الشهوة، والملذات، فوالله ما عرفت لم خلقها الله جل وعلا!
امرأة كان لها ولدان صغيران، ما أجملهما! الأول عمره سنة ونصف والآخر عمره ثلاث سنوات، كالقمر ليلة البدر، فتعرفت على عشيق لها، وبدأت تكلمه ويكلمها، وتصاحبه ويصاحبها، ولكن في يوم من الأيام طلب العشيق منها أن يرتبط بها بشرط واحد، قالت: وما هو هذا الشرط؟ قال: أن تتخلصي من ولديك. قالت: إنهما ولداي. قال: تتخلصي منهما وإلا تنفصل العلاقة.
فما كان من تلك المرأة إلا أن ذهبت إلى ضفاف نهر، وكان الولدان يلعبان معها، ويداعبان الأم، وألبستهما أحلى الملابس، فكانا كالقمر ليلة البدر.. أركبتهما السيارة، ونزلت منها ولم تطفئها وجعلت السيارة تنزل شيئاً فشيئاً إلى قاع ذلك النهر، والولدان يبكيان ويصيحان من وراء زجاج السيارة، ويناديان أمهما، ولكن ما هي إلا لحظات ودقائق حتى كانا في قاع البحر قد غرقا لتتمتع بعشيقها.. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] أي حياة هذه؟! وأي عيشة تلك؟!
فلانة من النساء معها مقابلة على الهواء مباشرة في التلفاز: ماذا تتمنين؟ قالت: أتمنى أن أصبح مثل هذه الممثلة، أو تلك المطربة.
امرأة أخرى في الجريدة تعمل معها مقابلة، وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر: ما هوايتك؟ قالت: الغناء والطرب. ماذا تتمنين؟ قالت: أتمنى أن أصبح مثل النجمة الفلانية، أو الراقصة الفلانية. من علمك هذا؟ قالت: التلفاز، والمجلات، والجرائد.
وأخرى يقبض عليها في قضية تعاطي المخدرات، أو في دعارة، أو في غيرها، بعد أن فضحت، وعمل معها التحقيق: من أين تعرفت على هذا؟ قالت: في البداية كان شريط غناء، أو كان فيلماً غنائياً، أو مسلسلاً خلاعياً، أو كان في البداية أن تعرفت على فلانة، والآن وصلت إلى ما وصلت إليه.
فتاة تعيش في مستنقع الجاهلية المعاصرة
يقول شيخ من الشيوخ -واسمعي إلى هذه القصة العجيبة-: دعيت إلى فتاة لأقرأ عليها القرآن -كان يقرأ على الناس، والله جل وعلا يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً [الإسراء:82]- فقلت: أين المكان قالوا: في المستشفى الفلاني، يقول: في مستشفى خاص من أفخم المستشفيات، يقول: فذهبت إلى هذا المستشفى، وكان قد حجز جناحاً كاملاً لهذه الشابة.. يقول: ولم أدخل عليها إلا بعد أن تجاوزت أشخاصاً كثر يسألونني: من تريد؟ وماذا تريد؟ حتى وصلت إلى هذه الفتاة بعد حواجز، وبعد حرس، وبعد خدم، وبعد حشم.. وعلمت أن هذه الفتاة ليست كغيرها من الفتيات، إنها من علية القوم.
فدخلت عليها في غرفة كبيرة، والخدم عن يمينها وشمالها، وقد جلس عندها بعض أقربائها وهي منطرحة على الفراش، فسلمت، ثم سألتهم: ما خبرها؟ قالوا: لا ندري، ذهبنا بها إلى كل المستشفيات ولكن لا فائدة! لا ندري ما قصتها، ولا نعلم ما خبرها. فقال لهم الشيخ: أريد أن أتحدث معها هل يمكن هذا؟ قالوا: تحدث معها، ثم طلب منهم أن يحجبوها، فحجبوها.
قال: فجلست وأخذت أسألها: يا فلانة تسمعيني؟ قالت: نعم، قال: أسألك أسئلة فأجيبيني بصراحة، قالت: تفضل. قال: هل تصلين؟ قالت: بصراحة والله لا أصلي. قال لها: هل تقرئين القرآن؟ قالت: منذ زمن بعيد ما قرأت القرآن. قال: هل تتعاطين المخدرات، وتشربين المسكرات؟ قالت: نعم أحياناً. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون! يقول: الشابة صغيرة، لعلها لم تتجاوز العشرين من العمر، وتعمل هذه الأعمال! فقالت الفتاة لما رأت الشيخ تعجب: يا شيخ لم تعجبت؟ لو أخبرتك عن حياتي وعن معيشتي لما تعجبت مني، اسمع يا شيخ كيف أعيش.
اسمعي يا أختي الكريمة! يا من غرتك زهرة الحياة الدنيا! اسمعي إلى هذه الغنية الثرية كيف تعيش في هذه الدنيا.
تقول الفتاة: يا شيخ! أنا في كل يوم أنام في أول النهار ولا أستيقظ إلا بعد غروب الشمس أو في آخر النهار، أقضي النهار كله نوماً، وبعد أن أستيقظ من نومي وأنا في غرفتي، أرفع سماعة الهاتف، فيأتيني ما أطلبه من طعام وشراب.. الخدم حولي، كل ما أشتهيه يأتيني إلى غرفتي، فإذا جاء الليل حضر أصدقائي، تقول: كل ليلة يجتمعون عندي، على الغناء، والطعام والشراب، واللهو والطرب، وفي بعض الأحيان نطلب من نشاء من المطربين أن يأتينا في أي لحظة نريدها.. أي مطرب وأي مغني، بسماعة الهاتف يأتينا إلى غرفتي؛ فيحيي ليلتنا بالغناء والطرب والرقص.
تقول: فنمضي هكذا، وبعض الأحيان يحيي ليالينا أناس ليسوا بإناث ولا ذكور، بين هذا وهذا، فنقضي أغلب الليل هكذا، فإذا اقتربت ساعة الفجر، ذهب كل منا إلى بيته، وبقيت لوحدي، أتقلب على الفراش، أنتظر النوم، وما أن يطلع الصبح وترتفع الشمس حتى أخلد إلى نوم عميق.
تقول: فلا أصحو إلا بعد أن يعلو النهار، ويقترب من نهايته، وتقترب الشمس من الغروب، لأمضي ليلة أخرى في لهو، وطرب، وغناء، وفجور، ورقص، وسكر، وعربدة.
تقول: هذه حياتي، وتلك أيامي، وهذه ليالي.. هل علمت يا شيخ كيف نعيش وكيف نحيا؟!
قال الشيخ: صدق الله وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:124-126