هناك من يعتقد ان من توفيق الله للعبد هو أن
تفتح له الدنيا وإن ضيع أمر دينه وآخرته، وهذا
من الجهل بدين الله وبكتاب الله وسنة مصطفاه،
فإن من تأمل كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى
الله عليه وسلم وتدبرهما حق التدبر يجد أن من
علامات توفيق الله للعبد ما يلي:
أولاً: إن أعظم ما يمكن أن يكون من علامات
التوفيق هو التوفيق للعمل الصالح عموماً على
اختلاف أنواعه بدنيا أو مالياً أو قولياً والله
عز وجل بين أن الطاعة والتوفيق لها هو الفوز
العظيم فقال سبحانه: {ومن يطع الله ورسوله فقد
فاز فوزاً عظيماً}، وجاء في الحديث الصحيح عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أراد الله
بعبد خيرا استعمله قالوا يا رسول الله وكيف
يستعمله قال يوفقه لعمل صالح قبل موته).
وجاء أيضا في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:
(عن أبي بكرة أن رجلا قال يا رسول الله أي
الناس خير قال من طال عمره وحسن عمله قيل
فأي الناس شر قال من طال عمره وساء عمله).
ثانيا: أن يوفق العبد لطلب العلم الشرعي والتفقه
في دين الله ومن سلك طريق العلم فإنه على
خير كثير فقد جاء في الحديث الصحيح عنه صلى
الله عليه وسلم أنه قال
من يرد الله به
خيرا يفقهه في الدين).
ثالثاً: التوفيق لنشر الخير والدعوة إلى الله
وإصلاح الناس فإن هذه مهمة الأنبياء والرسل وقد
قال الله عز وجل
ومن أحسن قولاً ممن دعا
إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين).
رابعاً: أن يوفق العبد للتوبة من الوقوع في
المعاصي حتى لو تكررت منه، أو يحال بينه وبين
المعاصي فلا يستطيع أن يصل إليها فإن هذا من
علامة التوفيق والسداد وإرادة الله به خيراً كما
قال جل وعلا
والله يريد أن يتوب عليكم ويريد
الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)،
والله عز وجل يفرح بتوبة عبده
خامساً: ومن علامات التوفيق أن يوفق العبد لنفع
الناس وقضاء حوائجهم كما صح عنه صلى الله عليه
وسلم أنه قال:{أحب الناس إلى الله أنفعهم..}.
سادساً: أن يوفق العبد للعناية بكتاب الله تعلما
وتعليما {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} فهنيئاً لك
يا من تدرس كتاب الله وتدرسه ويا من تقرأه
كل يوم، وأنت يا من فرطت في كتاب الله
وتلاوته تدارك نفسك فإن من علامة التوفيق أن
توفق لتلاوة كتاب الله حتى تحوز على هذه
الخيرية والأجر العظيم.
سابعاً: أن يوفق العبد للقيام بشريعة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال جل
وعلا:{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}وقال سبحانه:
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} فعلق سبحانه
الفلاح والتوفيق على من أمر بالمعروف ونهى عن
المنكر وجعل الخيرية في هذه الأمة لمن أمر ونهى
جعلنا الله وإياكم منهم.
ثامناً: أن يوفق العبد لكريم الخصال وحسن الأخلاق
وسلامة الصدر ومحبة الخير للمؤمنين كما جاء في
الحديث(إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً) وحسن الخلق
أثقل شيء في الميزان وأما سلامة الصدر من الغل
والغش والحسد فهو من توفيق الله للعبد لأنه من
أسباب دخول الجنة كما جاء في الحديث والرسول
صلى الله عليه وسلم قال (لا يؤمن أحدكم حتى
يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
تاسعاً: عدم تدخل الإنسان فيما لا يعنيه كالاشتغال
بتتبع أخبار الناس وما فعلوا وما أكلوا وما
شربوا، والتدخل في الأمور التي لا يحسنها ونحو
ذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من
حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)
عاشراً:حسن عشرة الإنسان لأهله فقد قال صلى
الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم
لأهلي)، فالعبد إذا قضى حوائج أهله وقدمها على
الأصدقاء والأصحاب والأقارب كان موفقاً مسدداً فحقهم
أولى وأوجب من غيرهم
الحادية عشرة:أن يلهم السداد والصواب في الأقوال
والأعمال والمواقف وهي الحكمة التي قال الله عنها
سبحانه: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة
فقد أوتي خيراً كثيراً}.
العلامة الثانية عشرة:أن يوفق العبد وييسر له
الجهاد والشهادة في سبيل الله فإنها من أفضل
القربات وأعلى المقامات {فضل الله المجاهدين على
القاعدين أجراً عظيماً} فقال سبحانه: {وليعلم الله
الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} فاتخذهم الله
واصطفاهم وأنعم عليهم بالشهادة في سبيله فاللهم
ارزقنا الشهادة في سبيلك مقبلين غير مدبرين.
فاللهم وفقنا لما تحب وترضى يا حي يا قيوم.
منقول